العنوان: حقوق الطفل وانتهاك جماعة الحوثي لها
الكاتب: عبدالعزيز بن عثمان الفالح
ثمةَ حقوقٌ عامة جاءت بها الشرائع الإلهية، وأقرّتها الفطر السوية، وتعارف عليها البشر، وتقررت في المواثيق الدولية المعاصرة. ومن أهم تلك التشريعات والقوانين حرمة النفس البشرية، وعدم جواز إقحامها فيما فوق طاقتها وقدرتها ووعيها، فالتفريط في الأنفس والأموال إنما هو سفهٌ يُحجَر على مقترفه لخروجه عن الأهلية، والتفريط فيما أوكل إليه، وحِفظهِ ورعايته فضلاً عن صونه وإنمائه.
ومن التفريط في الولاية وما أوكل من حفظ الأموال والأنفس والثمرات، ما تُطالعنا به الأخبار المرئية والمسموعة والمقروءة بأمور تقشعرُ منها الأبدان من جرّاء عبث جماعة الحوثي في اليمن العزيز بما يسمى ولايتها المزعومة، فتراها تدفع بالأطفال إلى أتون حرب ونزاعات لا يدركون حقيقتها؛ فبدلاً من إلحاقهم بالمدارس والتعليم، تراها تقفل المدارس وتفتح جبهات الحربٍ، وتراها تسلُّم للطفلِ بندقية بدلاً من أن تعطيه قلمًا ودفترًا.
إن انتهاك جماعة الحوثي لبراءة الطفولة إنما هو انتهاكٌ للحق الإنساني، وللحق البشري، وللحق الاجتماعي. فالحروبُ لها أعراف، ومن أعرافها ما أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيثُ جاء عَنِ ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: "اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تَغْدِرُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ وَلَا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ"، وفي رواية: "وَلاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلاَ طِفْلاً، وَلاَ صَغِيرًا، وَلاَ امْرَأَةً". فالدفع بالأطفال إلى أتون الحرب مخالفةٌ صريحةٌ لما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنه انتهاكٌ لحق الأسرة وقتل لمشاعرها، فالأبوان يُقتلان في كل لحظة تمر بهما خوفًا على فلذةِ كبدهما، إذ إن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو أفرادها وبخاصة الأطفال.
وتؤكد الأمم المتحدة أن للطفولة رعاية خاصة حيث ذكرت ذلك في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924م وفي إعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1959 م والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادتين 23 و 24، وفي المادة العاشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأن الطفلَ يحتاج إلى إجراءات ووقاية ورعاية خاصة لعدم نضجه البدني والعقلي، فكيف يُدفعُ به إلى حرب لا يعرف لمَ يخوضها، ولمَ دُفع إليها، ولمَ أُخرجَ من مدرسته وحضن أبويه. فحريٌ بالأمم المتحدة وجمعياتها ولجان حقوق الإنسان وهيئاتها أن تنظر إلى ما تقترفه الميليشيات الحوثية من جرائم بحق براءة الأطفال وانتهاكها لحقوقهم التي أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
*عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان
